أصبحت رمزاً يضيء دروبَ التمكينِ والكرامة... تعرفوا علي قصة بطلة السباحة السورية #يسرى_مارديني...
,
أصبحت رمزاً يضيء دروبَ التمكينِ والكرامة… تعرفوا علي قصة بطلة السباحة السورية #يسرى_مارديني التي تتعدت حدود الرياضة
عرفَ العالمُ يسرى مارديني سبَّاحةً أولمبيَّةً، ولاجئةً سوريَّةً، لكنَّ قصَّتها، تتعدَّى حدود الرياضة، لتنسجَ من الألمِ أملاً، ومن المعاناةِ قوَّةً لا تُهزم، فعبر البحرِ، ساعدت المئاتِ في رحلةٍ محفوفةٍ بالمخاطر، وحملت رايةَ الإنسانيَّةِ بشجاعةٍ ونُبلٍ حتى أصبحت رمزاً، يضيء دروبَ التمكينِ والكرامة.
حوار | مروة عوض Marwa Awad
المديرة الإبداعية ومنسّقة الأزياء | جايد شيلتون Jade Chilton
تصوير | سام روادي Sam Rawadi
مكياج | ميشال كيواركيس Michel Kiwarkis، لدى MMG
شعر | علي رضا موسوي Alireza Mousavi، لدى MMG
إنتاج | إيتشو دوكاو Icho Ducao
مساعد منسّقة الأزياء | شادي أزاد Shadi Azad
موقع التصوير | دبي، الممزر، نادي شباب الأهلي Cleopatra Swimming Academy
تصفحوا النسخة الرقمية لـ عدد يونيو 2025 من مجلة سيدتي
بعد مرورِ عشرةِ أعوامٍ على رحلةِ الهجرةِ واللجوء، ما اللحظةُ التي شعرتِ فيها بأنكِ أقوى مما ظننتِ؟ اللحظةُ التي شعرتُ فيها بأنني أقوى مما كنتُ أتصوَّرُ، كانت لحظةَ لجوئي. وصلتُ إلى ألمانيا بسلامٍ، لكنْ بعد عشرةِ أعوامٍ، عدتُ إلى سوريا، وكانت الزيارةُ مملوءةً بالمشاعرِ الصعبة. رأيتُ بيتنا مدمَّراً، وأهلي لا يزالون في سوريا. على الرغمِ من الألم إلا أنني شعرتُ بقوَّةٍ داخليَّةٍ، وأملٍ لم ينكسر. تلك اللحظةُ، جعلتني أُدرِك أنني قادرةٌ على تجاوزِ كلِّ شيءٍ، وأن للحياةِ دوماً جانباً جميلاً، مهما اشتدَّ الظلامُ.
من خلال تجربتكِ الشخصيَّةِ، ما الذي يُميِّز قوَّةَ المرأة؟ قوَّةُ المرأةِ، لا تعني أن تكون قويَّةً كلَّ يومٍ. نحن بشرٌ، نخطئ ونتعلَّم. قد نُجرِّبُ مشروعاً، ويفشل، لكنْ هذا لا يعني أننا فشلنا، لأننا نساءٌ. جرِّبي مرَّةً، ومرَّتين، وثلاثاً، ولا تتوقَّفي حتى تصلي إلى ما تريدين. ثقي بذاتكِ، وتذكَّري أن رِقَّةَ القلبِ، وحدسَ المرأةِ جزءٌ من قوَّتها. ستسمعين كثيراً من الآراء، خذي منها ما يُفيدكِ، لكنْ اجعلي لرأيكِ وإحساسكِ الكلمةَ الأخيرةَ دائماً.
يُقال: وراءَ كلِّ امرأةٍ عظيمةٍ امرأةٌ أخرى تدعمها. هل توافقين على هذه المقولةِ، ولماذا؟ أوافقُ تماماً. أمي، هي الشخصُ الذي أستلهمُ منه القوَّة. علَّمتنا منذ الصغرِ أهميَّةَ التعليم، وكيف نوازنُ بين حياتنا المهنيَّةِ والشخصيَّة. أكَّدت لنا أن الزواجَ، وتكوينَ عائلةٍ أمرٌ جميلٌ، لكنَّه ليس كلَّ شيءٍ في الحياة. هي امرأةٌ قويَّةٌ، حنونةٌ، وصبورةٌ. علَّمتني ألَّا أستسلمَ للفشل، وأن أحاول دائماً من جديدٍ. أمي كانت، وما زالت مصدرَ إلهامي الأوَّل.
ما أصعبُ موقفٍ واجهتِه بوصفكِ امرأةً، وشعرتِ فيه بأنكِ في حاجةٍ إلى إثباتِ نفسكِ؟ من أبرزِ المواقفِ التي شكَّلت رحلتي حينما عدتُ إلى السباحةِ بعد انقطاعٍ عنها خلال وجودي في سوريا. قيل لي آنذاك: «أنتِ فتاةٌ، وقد كبرتِ، وهذه سنةُ البكالوريا، وستتزوَّجين، وتبقين في المنزل». وكأنَّ شغفي بالرياضةِ لا يستحقُّ أن يُؤخَذ على محملِ الجد!
مَن قالَ ذلك، كان رجلاً، ما جعل وقعَ الكلماتِ أثقلَ عليّ! لكنَّني لم أتأثَّر بتلك النظرةِ فقد كنت مؤمنةً بأن طموحاتي أوسعُ من التوقُّعاتِ التقليديَّة، وأن لي مكاناً، أستحقُّه في هذا المجال. وعلى الرغمِ من التحدِّياتِ إلا أنني واصلتُ طريقي بثقةٍ، وكنت على يقينٍ بأنني سأصلُ إلى أبعدَ مما يتوقَّعه الآخرون، والحمد لله، هذا ما حقَّقته.
في أصعبِ لحظاتٍ، مررتِ بها، ما الأمرُ الذي تمسَّكتِ به داخلكِ، ليستمرَّ الأملُ؟ اللجوءُ من أصعبِ التجارب، فهو يعني أن تبدأ حياتَك من الصفر. خرجتُ من بلدي دون عائلتي، فقط مع أختي سارة، وابن عمنا، وكان عمري وقتَها 17 عاماً. كنتُ في بلدٍ جديدٍ، لا أعرفُ لغتَه، ولا ثقافتَه، ولا أعلمُ إن كان سيتقبَّلني أحدٌ. شعرتُ بالخوف، لكنْ الرياضةُ منحتني الأمل. كنتُ أخرجُ من مخيِّم اللاجئين لأركض، وأتمرَّن، وحافظتُ على روتين يومي وسطَ الفوضى والقلق. الرياضةُ، أصبحت منزلي، والشيءَ الوحيدَ المألوفَ في بلدٍ لا أعرفُ فيه شيئاً. بعد شهرَين فقط من وصولنا إلى ألمانيا، عدنا مباشرةً إلى المسبح، وبدأنا التدريب. تمسَّكتُ بالرياضةِ، لأنها أنقذتني، ولم أسمح لنفسي بالاستسلام. عشتُ خمسةَ أعوامٍ في منطقةِ حربٍ، وكنتُ أعلمُ تماماً كم أنا محظوظةٌ، لأن الحياةَ منحتني فرصةً جديدةً، فقررتُ أن أستثمرها.
كيف تصفين طفولتكِ، وما الذكرى الأقربُ لقلبكِ من تلك الفترةِ؟ طفولتي كانت جميلةً بكلِّ تفاصيلها. أتذكَّرُ الصباحاتِ التي كانت أمي، توقظُ فيها الجميع، وتُعلِنُ حالةَ الطوارئ إذا كان هناك مَن سنستضيفه! في خضمِّ هذا النشاطِ، كانت شهد، أختي الصغيرة، لا تزالُ في بدايةِ تعلُّمها المشي. تأتي وهي تحتضنُ «دبدوباً» على شكلِ أرنبٍ بنِّي، وترتدي «أوفرولاً» وردياً، وشعرها «الكيرلي»، ينسدلُ على وجهها. كنتُ وشهد، نذهبُ معاً لإيقاظِ سارة، أختي الكبرى، التي غالباً ما تكون نائمةً بعمقٍ. كنا نمرحُ، ونضحك، ونحن نحاولُ إقناعَها بالنهوض. أحياناً، كنتُ أطلبُ من سارة أن أنامَ في سريرها، فكانت تضحك، وترفضُ، فنحن نتشارك بالأساسِ الغرفةَ ذاتها، وهذا كافٍ! تلك اللحظاتُ الصغيرةُ، مع بساطتها، ما زالت تمنحني حتى اليوم شعوراً عميقاً بالدفءِ والانتماء.
ما الدورُ الذي لعبته أسرتُكِ في تشكيلِ شخصيَّتكِ القويَّةِ والطموحة؟ أسرتي لعبت دوراً كبيراً في تكوين شخصيَّتي وطموحي. والدتي كانت تُؤكِّد دائماً أهميَّةَ التعليمِ، وبناءِ المستقبل، وتشجِّعنا على أن نسعى إلى تحقيقِ أحلامنا، أمَّا والدي، فكان داعماً لمسيرتي الرياضيَّة، ويؤمنُ بأهميَّةِ السباحةِ في حياتنا. لقد شكَّلا معاً توازناً رائعاً بين العلمِ، والطموحِ الرياضي. شقيقتاي أيضاً، كان لهما تأثيرٌ خاصٌّ، فسارة لطالما أعجبتني طريقةُ تعبيرها عن رأيها بشجاعةٍ ووضوحٍ، وكنتُ أراها نموذجاً للقوَّةِ والثقة، في حين أن شقيقتي الصغرى ذكيةٌ، هادئةٌ، ومتفهِّمةٌ، وتعلَّمتُ منها الصبرَ والحكمة. كلُّ فردٍ في عائلتي، ترك أثراً داخلياً، وكانوا دائماً الداعمَ الأوَّلَ لي.
ما الجملةُ، أو النصيحةُ التي سمعتِها يوماً من والديكِ، ولم تغادر ذاكرتكِ حتى اليوم؟ من العباراتِ التي بقيت عالقةً في ذهني حتى اليوم، ما كان يقولُه لي والدي: «عندما تدخلين المسبح، لا تُفكِّري بما يحدثُ خارجه. أياً كان ما يُزعجكِ، اتركيه خلفكِ، وركِّزي فقط على هدفكِ». هذا علَّمني كيف أفصلُ بين حياتي الشخصيَّةِ والمهنيَّة. ومن والدتي، تعلَّمتُ ألَّا أفقدَ الإحساسَ بالأمان. كانت تقولُ لي دائماً: «اليوم الصعبُ مجرَّد تجربةٍ، تعلَّمي منها، وواصلي طريقكِ. ما لم يحدث، فهو ليس مكتوباً لكِ. وأنتِ إنسانةٌ مجتهدةٌ، وما تسعين إليه سيأتي، فقط ثقي بنفسكِ وبخطواتكِ».
ما رأيك بالتعرف على السباح السعودي ولاعب نادي الهلال زيد السراج
رقة قلبك وحدسك جزء من قوتك. استمعي للآراء، لكن دعي إحساسك يقول الكلمة الأخيرة
ما الشيءُ الذي تغيَّر في يسرى الطفلةِ التي وُلِدَت في دمشق لليوم؟ أدركتُ بأنني قادرةٌ على إحداثِ فرقٍ. حين كنتُ صغيرةً، لم أكن أعي أن الإنسانَ، يحملُ في داخله قوَّةً، تؤهِّله لتغييرِ الأشياءِ نحو الأفضل. لم أكن أفهمُ أنني أستطيعُ، حتى بأبسطِ الطرق، أن أسهمَ في تحسينِ حياة الآخرين.
وبعد أن مررتُ بتجربةِ اللجوء، وعشتُ تحدِّياتٍ كثيرةً، أدركتُ أنه ليس من الضروري أن أملكَ الكثير لأكون قادرةً على العطاء. أصبحتُ أؤمنُ بأهميَّةِ التطوُّعِ، والمبادرةِ، والمساعدةِ، وشعرت بأنني أمتلكُ القدرةَ على إحداثٍ أثرٍ حقيقي حتى لو كان بسيطاً. هذه القناعةُ لم أكن أملكها في الصغرِ، لكنَّها نضجت داخلي بعد أن خضتُ كلَّ تلك التجارب.
ماذا علَّمتكِ السباحةُ عن الحياة؟ السباحةُ علَّمتني الصبر. على الرغمِ من أنها رياضةٌ، تعتمدُ على الأداءِ الفردي إلا أنك من دون فريقك، لا تتقدَّمُ، ولا تتحسَّن، وهذا يُشبه الحياةَ تماماً، فلا يمكنك أن تنجحَ بمفردك، فالدعمُ، والتعلُّمُ من الآخرين، والتفاعلُ معهم، هو ما يصنعُ الفرق. لا توجدُ قِصَّةُ نجاحٍ عظيمةٌ، بُنِيت…..
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر “إقرأ على الموقع الرسمي” أدناه
المزيد من مجلة سيدتي
الأكثر تداولا في عالم حواء