,
داخل الاستوديوهات الأكاديمية في السعودية، يولد جيل جديد من صُنّاع الموضة برؤى مبتكرة وشغف يتجاوز القوالب التقليدية. تعرّفي على القصة كاملة
في عدد سبتمبر من “هيَ”، حيث نعيد قراءة الحاضر ونتأمل إرثه العميق، نختار هذه المرة أن نزيح الستار عن مشهد لم يره أحد بعد: ملامح المستقبل.
مستقبل تخطّه أيادٍ شابة، عيونها ما زالت تتلألأ دهشة، وأفكارها تنبض بحلم أكبر من القوالب، وأبعد من السوق، وأعمق من الأضواء.
قبل أن تصدح الأسماء في مدارج الموضة العالمية، قبل أن تُفتح الأبواب أمام عدسات المصورين وضجيج المنصات، هناك عوالم هادئة تنبض في زوايا الاستوديوهات الأكاديمية. هناك، حيث تتحوّل الرسومات الأولى إلى هُويات، والمود بورد إلى رؤى، والبدايات إلى لغات تصميمية قادمة، تُصاغ ملامح صناعة أزياء سعودية جديدة؛ صادقة، وجريئة، وخالية من أي ضجيج سوى صوت الحلم نفسه.
نكـــــــتـب هنا عن جيــــــلٍ يتـــشـــــكّل، عــــن مصــمـمــــين يختبرون أدواتهم الأولى، ويعيدون تعريف حدود الخيال. نكتب عن لحظة نادرة، لحظة ما قبل الانكشاف: قبل أن تصبح هذه الأسماء علامات تجــــاريــــة، قبل أن تحــــمل أزيــــــاؤهم أوزان العـــــروض والطلب، قبل أن تنحني أحلامهم لضغط السوق وسرعة الإيقاع.
وفي قلب هذه الرحلة الأكاديمية يقف دور لا يمكن إغفاله، إنه دور المعلمة ريناد الصقر، التي فتحت
أمام هؤلاء المصممين الشباب آفاقا أوسع، وأزالت الحدود الإبداعية التي كبّلتهم، لتدفعهم إلى بحث أعمق، وتخيل أكثر، والجرأة على التعبير بلا خوف. حضورها في هذه الاستوديوهات لم يكن تعليما تقليديا بقدر ما كان حوارا مفتوحا مع أفكارهم، أشعل فيهم شرارة الاكتشاف، وزرع فيهم يقينا بأن صوتهم التصميمي يستحق أن يُسمع لتصبح ريناد واحدة من أبرز الأصوات التي تلهم جيلا كاملا من المصممات السعوديات. تقول عن مسيرتها:
“أنا ريناد أحمد الصقر، مصممة أنظمة أزياء. أقف عند نقطة التقاء الأكاديمية مع قطاع الأزياء المحلي السعودي. أصف مساري بأنه purpose-driven، إذ أؤمن بأن قطاع تعليم الأزياء في السعودية بحاجة إلى نهج يمزج بين التعليم والقطاع المحلي. بدأت مسيرتي من الجانب الأكاديمي محاضِرة في قسم تصميم الأزياء والنسيج بجامعة الأميرة نورة بنت عبد الرحمن، وأسعى من خلال هذا الدور إلى تمكين الجيل القادم (Gen Z) من صقل هُوياتهن، والاعتراف بقيمهن الكامنة، وخلق فرص لأنفسهن في قطاع يعيش نهضته الثانية. على الجانب الآخر، انخرطت في مشاريع عملية مع علامات تجارية سعودية، أقدّم لها استشارات تُسهم في تعزيز اتصالها بالمجتمعات المحلية، وتطوير منتجاتها، وترسيخ حضورها الرقمي. بالنسبة إلي، التصميم ليس مجرد إنتاج أزياء، بل هو رحلة وعي للمصمم والمجتمع معا، يمكّن جيلا من المصممات السعوديات من التعبير عن هُويتهن محليا وعالميا”.
لم يكن دورها محصورا في القاعات الدراسية، بل اتخذ شكل حوار مفتوح مع الطالبات، تُصاغ فيه الثقة، وتُزرع فيه الجرأة. تقول: “لا أؤمن بوجود صواب مطلق أو خطأ مطلق في عملية التعليم أو التفكير؛ ما دمتِ قادرة على الدفاع عن فكرتك بإقناع وتنفيذها بمهارة، فهي تستحق أن تُمنح فرصة”.
ومع تراكم التجربة، رصدت تحولات ملموسة في نتاج الطالبات: “كلما تقدمن في سنوات الدراسة، واتسعت مساحة الحرية، انعكس ذلك مباشرة على قوة التعبير والجرأة في اتخاذ القرارات وصياغة الأفكار”.
أما عن المستقبل، فتراه مشهدا استثنائيا قيد التشكل: “قطاع الأزياء السعودي يعيش مرحلة بناء فريدة، مختلفة حتى عن السياق العالمي. وهذا يمنح المصممات الشابات فرصة نادرة لكتابة مستقبل الأزياء بأنفسهن. جيل Z السعودي عقلاني ومبدع وواعٍ، يعيش الحاضر بقوة، ولا ينتظر المستقبل ليبدأ. نصيحتي لهن بأن يثقن بأنفسهن، ويدافعن عن صوتهن الخاص، وأن يدركن أن تصميم الأزياء ليس مهنة فحسب، بل هو أسلوب حياة يتيح لهن إعادة صياغة الهُوية السعودية ضمن سياق عالمي”.
في هذه الصفحات، نُلقي نظرة سريعة نحو المستقبل، نحو ملامح صناعة أزياء سعودية تتحوّل من فكرة إلى تيار، ومن حلم إلى حتمية. نستمع إلى أصواتهم النقية، نقرأ في مسوداتهم الأولى، ونتأمل في إبداعاتهم الخام التي لا تزال تتحرك بحرية، محكومة فقط بالشغف والبحث عن الجمال.
إنه مقال استثنائي، وعد بمستقبل نراه يتشكل الآن.. بخطوط خجولة اليوم، وواثقة غدا.
جود الحربي بين السكون والتراث في مساحة هادئة بين الحلم والعمل، تصوغ جود الحربي لغتها الخاصة في عالم التصميم. ترى في الأزياء أداة للتعبير العميق عن الأفكار والثقافة، حيث تتحول كل قطعة إلى مساحة تأمل تحمل تفاصيل أنثوية بروح عصرية. تقول: “أستخدم الأزياء لغة فنية أترجم من خلالها الأفكار والثقافة إلى تصاميم معاصرة”.
رحلة جود الإبداعية تنبض بشغف دمج الأصالة مع الحداثة، لتكشف عن جمال الأنوثة في رؤية معاصرة تتجاوز الشكل إلى المعنى. جماليّتها متجذّرة في التراث والطبيعة، لكنها تنطلق إلى الأمام برؤية مستقبلية ملهمة، وهي تصف مفرداتها بثقة: “جذور حيّة، وابتكار، وطبيعة، وهُوية مستقبلية”.
في حديثها عن المشهد السعودي اليوم، تعبّر جود عن إحساس عميق بالانتماء والفخر، مؤكدة أن الصناعة تحمل طاقة إبداعية متجددة، لكنها تحتاج إلى توسّع يليق بحجم الطموح: “أتمنى تطوير مخرجات تصميم الأزياء، وتعزيز المصانع المحلية، وانفتاح الفكر لمواكبة تطورات الموضة العالمية”.
ومع رغبتها في أن تكون خطواتها الأولى في تنسيق الأزياء، تنظر إلى الأفق الأوسع. حلمها واضح: إطلاق علامة تعكس الهُوية السعودية بجرأة ووضوح، لتتحول تصاميمها إلى لغة بصرية معاصرة تحمل روح المملكة إلى العالم، وتترك أثرا لا يُمحى في ذاكرة الموضة.
تقول جود: “تصاميمي تنبع من الانتماء إلى الثقافة والفخر بها. ورغبتي في التعبير عنها بأسلوب مبتكر يعكس هُوية مميزة”.
سمية الحلواني جرأة البحر وهدوء التراث من جدة، حيث يلتقي البحر بروحه المتقلّبة مع تراث المدينة العريق، تنسج سمية الحلواني لغتها الإبداعية. تصف نفسها بأنها مصممة ترى العالم بعين تشكيلية، تترجم الحياة إلى صياغات بصرية ترفض المألوف وتحتفي بالمختلف: “أعيش شغفي في ربط الفن بالأزياء، وأقدم نفسي مصممة تنظر للعالم بعيون تشكيلية، تبحث دائما عن المختلف”.
تصاميمها تعكس ازدواجية تحملها معها في كل فكرة، حدّة ونعومة، تراث وحداثة، صخب وهدوء. تستوحي من حركة البحر رمزية لقوة الطبيعة وسكونها الداخلي، وتعيد صياغة ثقافة جدة في تفاصيل جريئة ومعاصرة تمزج الفن بالحياة اليومية. كلماتها المفتاحية تعكس وضوح رؤيتها: جرأة، تأمل، جدة الحديثة، دمج الفن مع الأزياء، ألوان تعبر عن الحياة.
تنظر سمية إلى صناعة الأزياء السعودية بوصفها مشهدا متحوّلا مليئا بالإمكانات، يزداد نضجا بدعم الفنون والتجريب، لكنها تطمح إلى مزيد من التوطين للابتكار الفني وربط الأصوات المحلية بمنصات عالمية. طموحها يتجاوز حدود التصميم، إلى أن تكون صوتا سعوديا يحتفي بالتجريب والجرأة، وأن تبني علامة تحمل جدة إلى العالم، كمنارة تفتح باب الحوار بين الفن والموضة بلغة معاصرة.
تقول سمية: “التصميم بالنسبة إلي هو طريقة لرسم الحياة ذاتها على القماش. أركّز على حركة البحر كإلهام رئيس، وأطمح إلى تقديم ثقافة جدة بشكل عصري بعيدا عن التراث التقليدي، مع دمج الفن في الحياة اليومية، وابتكار صياغات غريبة وجريئة تعكس شخصيتي وتفردي كمصممة. الجوهر عندي هو خلق أبعاد تشع بالابتكار، وتدفع المشاهد لتفكير جديد”.
شهد العمري بين الفوضى والجمال بالنسبة إلى شهد العمري، التصميم ليس ملبسا، بل اعتراف صريح بالجوهر الإنساني. منذ طفولتها، كانت تبحث عن لغة صامتة تعرّفها للعالم، ووجدت في الأزياء مساحة للبوح والتمرد في آنٍ واحد. تقول بثقة: “كل تصميم هو صوت صامت يروي للآخرين: هذا أنا”.
مشاعرها هي المحرك الأول لكل قطعة، عواطف صاخبة تتحول إلى أعمال فنية جريئة وصادقة، تجمع بين العاطفة الخام والخيال الحر. تستلهم من السريالية لتفتح بابا نحو عوالم تتجاوز الجسد والشـــكــــل النـــمــطــــي والـــصـــور الظـــلــيـــة، وتتـــحـــدى الخامات التقليدية لتبتكر أصواتا جديدة للأقمشة. تـصـــف هُـــــويــتــــها بكلمات قليلة لكنها حادة: Bold unapologetic, poetic, authentic.
تؤمن شهد بأن التمرد هو قلب إبداعها، أن تكسر المثالية، وتعيد تعريف الجمال وفق رؤيتها الخاصة. بالنسبة إليها، القطعة ليست تزيينا، بل هي كيان نابض بالحياة يترك أثرا عاطفيا وفكريا.
تنظر بفخر إلى المشهد السعودي الحالي، وترى فيه تحولا تاريخيا جعل المصمم السعودي حاضرا بقوة على الساحة العالمية. ومع ذلك، تحلم بمستقبل أكثر جرأة في التجريب الفني، حيث يُنظر إلى الأزياء كمساحة إبداعية قبل أن تكون مجرد صناعة تجارية. حلمها الأوسع هو تأسيس دار أزياء تتحول إلى دار للفن والقصص، حيث يشعر كل من يقتني قطعة أنه ليس متلقيا عاديا، بل هو جزء من الحكاية نفسها.
تقول شهد: “أحلم بتأسيس دار أزياء تكون أكثر من مجرد علامة تجارية، أريدها أن تكون بيتا للفن والتجارب والقصص. مكانا تعامل فيه القطع كلوحات نابضة بالحياة، تُصنع بشغف وتُروى بروح. أطمح إلى أن أوصل إحساسا لكل شخص يقتنيها أنه ليس مُجرد متلقٍّ، بل هو جزء من الحكاية، شخص مميز، جميل، وله مساحة ينتمي إليها”.
سلطانة العبودي جسرٌ بين الأصالة والابتكار من قاعات جامعة الأميرة نورة إلى أحلام تتجاوز حدود المملكة، تسير سلطانة العبودي برؤية جذابة، وهي أن تكون جزءا من الحراك السعودي الجديد الذي يعيد رسم ملامح الأزياء. ترى في التصميم مرآة تعكس الهُوية، وحلم طفولة يكبر معها، ليجد في الأقمشة وسيلة لتقديم جمال السعودية إلى العالم بلغة عصرية تحفظ روح التراث وتفتح آفاق المستقبل.
تصاميمها تتنفس اتزانا نادرا بين الثبات والتجدد، بين احترام الجذور والسعي إلى صياغة المستقبل. تقول: “أبني جسرا بين الماضي والحديث، لأروي قصة فريدة تجمع بين…..
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر “إقرأ على الموقع الرسمي” أدناه
المزيد من مجلة هي
الأكثر تداولا في عالم حواء