عيد بلا متنفس.. سكان تعز يحتشدون في حديقتين متدهورتين وسط غياب البدائل واستمرار الحصار
مع حلول عيد الفطر، تتكشف أزمة الترفيه في مدينة تعز بشكل أكثر حدة، وسط تدفق آلاف الأسر نحو حدائق محدودة لا تواكب حجم الإقبال، حيث تعاني المدينة، المحاصرة منذ سنوات، من انعدام البدائل الترفيهية، في ظل إهمال رسمي وواقع معيشي يزداد سوءاً كل عام. تقتصر المتنفسات العامة داخل المدينة على حديقتي “غاردن سيتي” و”هاي لاند”، وهما ملاذان أخيران للأطفال وأسرهم، لكنهما يواجهان تدهوراً متزايداً في الخدمات مع محدودية الخيارات وصغر المساحة، وسط اكتظاظ غير مسبوق. يُرجع سكان تعز هذا الوضع إلى الحصار الحوثي المفروض منذ نحو عشر سنوات، والذي قلّص من نطاق الحركة، وحوّل معظم الأحياء إلى تجمعات سكنية خانقة بلا متنفسات، فيما تظل المساحات العامة الواسعة في مناطق الحوبان والشمال الشرقي — الخاضعة لسيطرة الحوثيين — بعيدة المنال، ما يعمّق الأزمة داخل المدينة. في ظل هذه الظروف، تتحول زيارات العيد إلى معاناة، وتضيع أوقات الزوار وسط الزحام وفي طوابير الانتظار، ويقول هاشم أحمد (37 عامًا) لـ”المصدر أونلاين”: “لا يوجد أي خيار آخر. نأتي إلى هنا رغم معرفتنا بالمخاطر، لكننا مضطرون لإيجاد متنفس لأطفالنا، رغم تزايد الحوادث والإهمال الواضح”. يشير هاشم إلى انتشار المخلفات في الحديقة، وغياب الصيانة الدورية، ما يجعل بيئة اللعب غير آمنة للأطفال. وأضاف أنه لاحظ تكرار الإهمال ذاته في زيارات سابقة دون أي تحسّن. إهمال تُظهر مشاهدات الزوار غياب الرقابة والاهتمام بمعايير السلامة داخل مناطق اللعب، إذ تنتشر إنشاءات خرسانية غير آمنة، وقضبان حديدية حادة، وأجسام مرتفعة ذات زوايا حادة، جرى تثبيتها دون مراعاة لكون المكان مخصصًا للأطفال، ما يجعل أي سقوط عليها بمثابة كارثة محتملة. ويؤكد الأهالي أن هذه الترتيبات العشوائية لا ترقى إلى الحد الأدنى من شروط السلامة، بل تزيد من خطر الحوادث، في ظل غياب الصيانة الدورية والتدخلات الرسمية. كما أشار زوار إلى تفشي سلوكيات مزعجة داخل الحدائق، مثل مضغ القات وتدخين الشيشة، إضافة إلى تجمعات شبابية خارجة عن الانضباط، مما دفع كثيرًا من العائلات إلى العدول عن فكرة التنزّه، رغم حاجتهم الشديدة لأي متنفس. وتقع حديقة “غاردن سيتي” بجوار كلية الآداب والمتحف الوطني، وقد أُغلقت سابقًا بسبب الحرب قبل أن يُعاد افتتاحها عام 2018. أما “هاي لاند”، فتقع بحي الزنقل، وافتُتحت قبل نحو ثلاث سنوات. كلا الحديقتين تُداران من القطاع الخاص، على أراضٍ مؤجرة من الدولة، دون تدخل حقيقي من السلطات لتوسيعها أو تحسينها. ورغم استمرار الشكاوى، لم تُتخذ أي خطوات جدية لإنشاء حدائق جديدة أو تطوير القائم منها، في ظل حديث عن استيلاء نافذين على أراضٍ عامة وتحويلها إلى مشاريع سكنية. حدائق شبه فارغة في المقابل، تبقى حدائق “التعاون” و”دريم لاند” و”حديقة الحيوانات” الواقعة في الحوبان، شبه خالية من الزوار رغم سعتها وتجهيزاتها بشكل أفضل. وقد حولت ميليشيا الحوثي هذه المرافق خلال سنوات الحرب إلى ثكنات عسكرية قبل أن يُعاد افتتاحها، لكنها لا تزال خارج خيارات كثير من السكان بفعل الانقسام الجغرافي والسياسي الذي فرضته الحرب. ويرى السكان أن العديد من أهالي الحوبان يفضلون قطع المسافات والدخول إلى المدينة عبر المنفذ الشرقي للتنزه، رغم سوء الخدمات، ما يعكس حجم الشرخ الحاصل في الاستفادة من المرافق العامة بفعل استمرار الحرب والانقسام. مطالب شعبية يطالب المواطنون بتدخل عاجل من السلطة المحلية لإعادة تأهيل الحدائق الحالية وفق معايير السلامة، وإنشاء متنفسات جديدة تستوعب الكثافة السكانية، خصوصًا خلال مواسم العيد، كما يدعون إلى إنهاء التجاهل الرسمي، وتحمّل الجهات المعنية لمسؤوليتها في حماية الأطفال وتوفير بيئة ترفيهية آمنة ولائقة. وتشير إفادات السكان إلى أن الوضع هذا العام كان الأسوأ، حيث ساهم تأخر موسم الأمطار وارتفاع درجات الحرارة في عزوف العائلات عن الخروج إلى المناطق المفتوحة مثل وادي الضباب، ما زاد من الضغط على الحدائق داخل المدينة. وبينما يستمر الانقسام الجغرافي بفعل الحرب الحوثية في حرمان الأهالي من المرافق العامة المتاحة، تبقى تعز مدينة تبحث عن متنفس مفقود، في انتظار التفاتة رسمية تضع حاجات السكان في مقدمة الأولويات. شارك الخبر