معركة الملابس بين الوالدين والمراهقين: الأسباب والنتائج وطرق الإقناع
,
معركة الملابس بين الوالدين والمراهقين: الأسباب والنتائج وطرق الإقناع
تُعتبر فترة المراهقة واحدة من أكثر المراحل العمرية إثارة للتحديات في التربية، حيث يبدأ الشاب أو الفتاة في تشكيل هويتهم الخاصة، وإثبات استقلاليتهم عن الأسرة، ومن أبرز “ساحات المعارك” التي تنشأ بين الوالدين والمراهقين، تأتي معركة الملابس في مقدمتها، قد يبدو الأمر للبعض تفصيلاً صغيراً، لكنه في الحقيقة يعكس صراعاً عميقاً بين الحرية الفردية والقيم الأسرية والاجتماعية.
في هذا المقال، سنستعرض أسباب هذه المعركة، نتائجها، وطرق الإقناع الفعّالة التي يمكن أن تساعد في تجنّب تصاعد الخلافات، كما سنعرض قصتين واقعيتين لأبوين واجها هذا الموقف بطريقتين مختلفتين.
لماذا تبدأ معركة الملابس؟ التأثر بالأصدقاء
في هذه المرحلة، يكون للأصدقاء التأثير الأكبر، إذا ارتدى صديق المراهق نوعاً معيناً من الأحذية أو التيشرتات، فسيشعر أنه مضطر لارتداء الشيء نفسه كي لا يبدو مختلفاً أو خارج المجموعة، وذلك بسبب حاجته للانتماء والتقبل، حيث يوفر له الأصدقاء شعوراً بالتقبل الاجتماعي ويعزز ثقته بنفسه.
كما أن للتغيرات النفسية والجسدية دوراً كبيراً في التأثر بالأصدقاء، فخلال مرحلة المراهقة، يبدأ المراهق في الانفصال التدريجي عن سلطة الوالدين، ويبدأ في تكوين آرائه الشخصية، ويصبح الأصدقاء مرجعاً هاماً له، ومن منطلق الاستقلال وتجريب الجديد، يميل المراهقون إلى استكشاف تجارب جديدة، والأصدقاء غالباً ما يكونون محفزاً لهذه التجارب، كما أنهم يساهمون في استقلال المراهق في اتخاذ قراراته، التي يعتمد على أصدقائه في دعمها؛ إذ توفر الصداقات القوية شبكة دعم عاطفي هائلة للمراهقين، مما يساعدهم على تجاوز الأزمات النفسية والمشاعر السلبية كالإحباط والقلق.
وقد ينجرف المراهق وراء مجموعة من الأصدقاء للحفاظ على شعوره بالانتماء، حتى لو كان ذلك يعني تقليدهم في سلوكيات قد لا يرضى عنها، وذلك في محاولة غير واعية لتجنب الرفض، وفي النهاية تساعد الصداقات المراهق على تطوير مهارات التواصل والتعاون عند المراهق، وفهم الآخرين والتعاطف معهم، وهي مهارات أساسية للنمو النفسي السليم.
إثبات الهوية الشخصية أحد الأسباب الرئيسية لارتباك الهوية لدى المراهقين هو الضغط من أجل التوافق مع الأعراف والتوقعات الاجتماعية، عندما يصبح عالمنا أكثر ترابطاً قد يتم قصف المراهقين باستمرار بالصور والروايات المثالية من خلال وسائل التواصل الاجتماعي والإعلانات والثقافة الشعبية، غالباً ما تقدم هذه الصور معايير غير واقعية للجمال والنجاح والسعادة، ونتيجة لذلك، يشعر المراهقون بعدم الكفاءة أو الانفصال عن ذواتهم الحقيقية. بما في ذلك تآكل الثقة؛ يدخل في هذا أيضاً حب واحترام هوية الفرد.
لذلك يحاول المراهق أن تكون هويته معقدة ومتعددة الأبعاد بطبيعتها؛ لأنه يتأثر بعوامل كثيرة بما في ذلك العلاقات داخل الأسرة، الخلفية الثقافية والتجربة الشخصية، قد يتعين على المراهقين التعامل مع أسئلة حول العرق والدين والحالة الاجتماعية والاقتصادية، وغيرها من التابوهات، لذلك يسعى لأن يكون له “ستايله الخاص” الذي يميّزه عن الآخرين، حتى لو كان ذلك عبر ارتداء بنطلون ممزق أو قبعة غريبة الشكل. الملابس بالنسبة له ليست مجرد قماش، بل وسيلة للتعبير عن الذات، وإثبات الهوية الشخصية.
التمرد على القوانين الأبوية الملابس في بعض الأحيان تصبح ساحة لإعلان “أنا مستقل”، المراهق قد يرفض لبس ما يريده الوالدان لمجرد أنه “فرض” عليه، وتلعب التغيرات الجسدية عند المراهق دوراً كبيراً في تقلبات المزاج والسلوك، الذين يواجهون ضغوطاً اجتماعية كبيرة من أقرانهم، مما قد يؤثر على سلوكهم، فيشعرون بعدم الفهم من قبل آبائهم، ما يدفعهم إلى التمرد.
ولا يخفى ما لتدهور العلاقات الأسرية، من علاقة مع التمرد، فهي تزيد من الشعور بالتوتر والانزعاج، كما قد يؤثر التمرد على تركيز المراهق ودوافعه، ما يؤدي إلى انخفاض في تحصيله الدراسي.
الاختلاف بين الأجيال
الوالدان يرون الملابس من منظور “الذوق والستر والقبول الاجتماعي”، بينما المراهق يراها من منظور “الموضة والجرأة والتميز”، هذا التباين يولّد الصدام، وقد ظهر صراع الأجيال؛ نتيجة الاختلافات الثقافية والفكرية بين الأجيال المختلفة، أو ما يُعرَف بـ”الفجوة بين الأجيال”، والتي تعكس الفروقات في الآراء، والقِيَم، والاتِّجاهات، والتصوُّرات العامّة عن الحياة، والعلاقات بين الجيلَين، وخاصَّةً بين الأجيال الشابَّة وكبار السِّنّ؛ إذ إنّ كلّ جيل نشأ في ظروفٍ مُعيَّنة، وتأثَّر بتجاربه وبالمجتمع الذي عاش فيه، وبالثقافة التي تميَّز بها زمنه.
وبالرغم من أنّ الفجوة بين الأجيال ليست شيئاً سلبياً بالضرورة، بل يُمكن أن تكون مصدر إثراء وتبادل ثقافي، إلّا أنّ سوء التعامل معها هو ما يُؤدّي إلى الصِّراع بين الأجيال؛ بعدم الحِوار الفعّال، وعدم رضا كلّ جيل عن الآخر؛ إذ يرى الجيل القديم أنّ أصحاب الجيل الجديد لا خبرة لديهم، ولا يحترمون العادات، والتقاليد، وآراء الكبار، وأنَّهم مُنفَتحون جدّاً، وفي المقابل، يرى الجيل الجديد أنّ الجيل القديم مُتشدِّد ولا يتماشى مع تغييرات العصر الحديث، ممّا يُسبّب الصِّدام والعِدائيَّة، والنُّفور بين الجيلَين.
التأثر بالمشاهير ووسائل التواصل الإنستغرام، تيك توك، ويوتيوب مليئة بنماذج ملهمة للمراهقين، التقليد هنا يصبح وسيلة للشعور بالحداثة والانتماء لعصرهم، فإذا كان الأهل أو المحيط الذي يعيش فيه المراهق من المتابعين الدائمين للمشاهير وأخبارهم ونمط حياتهم، وكانت قصص المشاهير وأخبارهم حاضرة في كل وقت، فهذا سيؤثر بشكل كبير على نظرة المراهق إلى المشاهير ومشاعره تجاههم وتأثره بهم اعتقاداً منه أن المشاهير مثاليون، وحياتهم خالية من المشاكل ومليئة بالترف والسعادة يجعله يحلم بأن يعيش هذه الحياة حتى في خياله، واتباع أسلوب المشهور في الكلام واللباس والتصرف يقرّب المراهق من هذا الحلم، حيث يقضي وقتاً على مواقع التواصل الاجتماعي مدمناً عليها لإزالة الفجوة والمساحة بين الجمهور عموماً والمراهقين خصوصاً من جهة وبين المشاهير من جهة أخرى، مما ساعد في زيادة ظاهرة هوس المشاهير والتعلق بهم وذلك بسبب سهولة التعرف إلى…..
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر “إقرأ على الموقع الرسمي” أدناه
المزيد من مجلة سيدتي
This page is served from the static folder and not from the database.