مسرح الجريمة | خيانة زوجية – ryan

“بسم الله الرحمن الرحيم”
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه وبعد:
فقد ﻗﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ : ” ﺳﺘﺄﺗﻰ ﻓﺘﻦ ﻋﻠﻰ أﻣﺘﻰ ﻛﻘﻄﻊ ﺍﻟﻠﻴﻞ ﺍﻟﻤﻈﻠﻢ ﻳﺼﺒﺢ ﺍﻟﺤﻠﻴﻢ ﻓﻴﻬﺎ ﺣﻴﺮﺍﻥ..”
وهذا بالفعل ما نحياه في زمننا .

أيها الأحبة الكرام:
لقد خلق الله الإنسان،وكرمه على سائر المخلوقات ،وجعل الاعتداء عليه من أبشع أنواع الكبائر والمحرمات .
قال تعالى:” قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ ۖ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ۖ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۖ وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُم مِّنْ إِمْلَاقٍ ۖ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ ۖ وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ ۖ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ۚ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (151).
وقال تعالى :”وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا”
وفي صحيح البخاري عن عبد الله بن عمر أن رسول الله قال:”لَنْ يَزَالَ المُؤْمِنُ في فُسْحَةٍ مِن دِينِهِ، ما لَمْ يُصِبْ دَمًا حَرَامًا.”
فقتل النفس التي حرم الله قتلها إلا بالحق ،كبيرة من الكبائر وجريمة من الجرآئم ،وقتل من أمر الله بوصلهم والإحسان إليهم والعطف عليهم كالأولاد كبيرة أشد وجريمة أعظم .
وقد عد الله تبارك وتعالى إهلاك النسل من أنواع الفساد في الأرض الذي يبغضه الله. قال جل شأنه:”
“وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَىٰ مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ (204)وَإِذَا تَوَلَّىٰ سَعَىٰ فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ ۗ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ (205)”

ويوم القيامة تسأل أنفس الأطفال الصغيرة البريئة التي قتلها أهلها بأي ذنب قتلت ،قال تعالى:”وإذا الموءودة سئلت*بأي ذنب قتلت” فأي ذنب فعلته هذه النفس الصغيرة الطاهرة كي تقتل ظلما وعدوانا،وتقتل من من؟ من والديها أو أحدهما؟ أهذه هي الوصية التي وصاك بها ربك ورسولك أيها الأب ،وأيتها الأم؟ ألم تسمعان إلى قوله صلى الله عليه وسلم :”كفى بالمرء إثما أن يضيع من يعول” هذا التضييع في عدم الانفاق عليهم أو العناية بتربيتهم ،فكيف بقتلهم وسفك دماءهم؟
إننا وللأسف نعيش في زمن بلغت فيها الوحشية الآدمية مبلغا لم نعهده من قبل ،لا في الجاهلية الأولى ولا قبلها ولا بعدها .
وكما قال الشاعر:
وليس الذئب يأكل لحم ذئب : ويأكل بعضنا بعضا عيانا .

إن فطرة الحيوان البريء تدفعه للحنو على ولده ،وهو حيوان لا عقل له مثل الإنسان .وما هذا إلا بفضل جزء يسير من مآئة جزء من الرحمة ،أنزله الله عزوجل في الأرض ليتراحم به الخلائق فيما بينهم .
قال رسولنا الكريم:” جعل اللهُ الرحمةَ مائةَ جُزءٍ ، فأمسك عنده تسعةً وتسعين جزءًا ، وأنزل في الأرضِ جزءًا واحدًا ، فمن ذلك الجزءِ تتراحمُ الخلقُ حتى ترفعَ الفرُس حافرَها عن ولدِها خشيةَ أن تُصيبَه”
هذا بالنسبة إلى الحيوان ،فماذا حدث للإنسان المكرم عند الله ،والمفضل على سائر المخلوقات . قال جل شأنه:”
وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا (70) .

إننا ونحن نناقش هذه القضايا الخطيرة وأمثالها لابد أن نؤكد أهم أسبابها القسوة والغفلة …والقسوة تورث الغفلة …وإن قسوة القلب خطر كبير وشر مستطير ..

ذلك أن الإنسان إذا قسى قلبه كان بعيدا عن الله فأقدم على ارتكاب المنكرات دون أن يراجع نفسه أو يؤنبه ضميره ..لذلك حذر الله من القسوة فقال:”فويل للقاسية قلوبهم” قال مالك بن دينار:”ما ضرب عبد بعقوبة أعظم من قسوة قلب،وإذا غضب الله على قوم نزع من قلوبهم الرحمة”
وقد تصل القسوة بقلب الإنسان إلى الحد الذي تكون فيه أشد من الصخور في صلابتها كما قال جل شأنه:”ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة أو أشد قسوة وإن من الحجارة لما يتفجر منه الأنهار وإن منها لما يشقق فيخرج منه الماء وإن منها لما يهبط من خشية الله وما الله بغافل عما تعملون” .
لذلك قال رسولنا الكريم:”إِنَّ أَبْعَدَ النَّاسِ مِنْ اللَّهِ الْقَلْبُ الْقَاسِي” .
فأي قلب هذا الذي سمح لصاحبه أن يقتل ولده كما لو كان يقتل دجاجة؟لاشك أن قسوته تجاوزت كل الحدود

▪︎أيها الأحبة الكرام:
إن الاسلام يعظم حرمة الدماء،وينادي بحفظها وصيانتها ،وقد شرع الله تعالى القصاص العادل كي يكون وسيلة رادعة لكل من تسول له نفسه إراقة الدماء ،قال تعالى:”ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب لعلكم تتقون” وهذا هو حكم الله في الكتب السابقة كما قال تعالى عن توراة اليهود: “وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنفَ بِالْأَنفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ ۚ فَمَن تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَّهُ ۚ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (45)” .
هذا ..وقد ذهب الامام مالك وابن المنذر وغيرهما إلى وجوب القصاص من الوالد إذا قتل ولده عمدا ،أبا كان أو أما ،فالحكم واحد .وهذا هو ما اختاره القانون المصري . ومعلوم أن اختيار الحاكم يرفع الخلاف في المسألة .
ونهيب بقضاءنا المصري أن يأخذ على أيدي هؤلاء المجرمين بشدة وحزم كي يكونوا آية وعبرة لكل من تسول له نفسه الاعتداء على بنيان الرب .. “إذ الآمي بنيان الرب ملعون من هدمه” هذا والله أعلى وأعلم .